منتديات تونس للتعليم
زائرنا العزيـز مرحبـا بك في منتديـات تـونس للتعـليم ونرجـو ان تجـد فيها مـا يفـيدك من دروس وفـروض واختبارات لمختلف مراحل التعليم في تونس
ويسعـدنا ان تتفضل بالانضـمام الينـا و تثـري منتـدانا بمساهماتك التي تنفع بها غيرك و تكون باذن الله في ميزان حسناتك طالما انها كانت لوجه الله.
منتديات تونس للتعليم
زائرنا العزيـز مرحبـا بك في منتديـات تـونس للتعـليم ونرجـو ان تجـد فيها مـا يفـيدك من دروس وفـروض واختبارات لمختلف مراحل التعليم في تونس
ويسعـدنا ان تتفضل بالانضـمام الينـا و تثـري منتـدانا بمساهماتك التي تنفع بها غيرك و تكون باذن الله في ميزان حسناتك طالما انها كانت لوجه الله.
منتديات تونس للتعليم
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات تونس للتعليم

أحلى دليل للتربية والتكوين والتعليم
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 وكان الشحاذ أكثر شيء جدلا

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
sil 2008

sil 2008


عدد المساهمات : 2
تاريخ التسجيل : 11/05/2011

وكان الشحاذ أكثر شيء جدلا Empty
مُساهمةموضوع: وكان الشحاذ أكثر شيء جدلا   وكان الشحاذ أكثر شيء جدلا I_icon_minitime2011-05-11, 16:15

كان الشحاذ أكثر شيء جدلا دراسة تألسفية لأهم المسائل
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
sil 2008

sil 2008


عدد المساهمات : 2
تاريخ التسجيل : 11/05/2011

وكان الشحاذ أكثر شيء جدلا Empty
مُساهمةموضوع: رد: وكان الشحاذ أكثر شيء جدلا   وكان الشحاذ أكثر شيء جدلا I_icon_minitime2011-05-11, 16:19



تمهيد
بين حيرتين كانت مسيرة الشحاذ الذي نبا به خلف الحقيقة وساد. حيرة في أول الرواية لما قال:"لمن اللوحة الكبيرة يا ترى" وحيرة في آخرها لما عاد إلى الدنيا مرددا :"إن كنت تريدني حقا فلم هجرتني"بينهما تلظى على نار الحيرة ومزقته الأوهام و أعيته السبل وطال عليه الأمد. فبعد أن حبته الدنيا بخيراتها فكر وقدر ثم نظر ثم عبس وبسر ثم أدبر واستكبر وقال إن النعيم إلا وهم يعبر.وكانت غايته منذ البدء البحث في الوجود عن معنى لحياته بحثا ملحاحا على النفس التي رأت أنها في سجن هذا الوجود ولقد كانت لوحة المرعى في عيادة الطبيب خير دليل على هذه الحيرة فالأفق فيها ينطبق على الارض من أي مكان ترصده .يا له من سجن لا نهائي
تلك هي إذن صرخة الانسان الذي جاء إلى هذا العالم ولم يستطع أن يدرك بعقله علة هذا الوجود لكنه أدرك حتمية الموت فردد ومن لم يمت بالسيف مات بغيره تعددت الأسباب والموت واحد

لكنه لما لج في السؤال أعياه الطلب .كذا كان حال عمر الحمزاوي الذي لم يجد إلى يقينه سبيلا وكان الشحاذ أكثر شيء جدلا.

المقومات القصصية
I البناء الفني للرواية
المقومات الفنية الكلاسيكية

*الاحساس بالمرض: (الفصلين 1+2) انطلقت الرواية بإحساس عمر الحمزاوي ,الزوج السعيد والمحامي الناجح ورب الأسرة المثالي بأعراض مرض غريب وتقول زينب عن ذلك "كنا أسعد زوجين ولم يكن مثله في الرجال أحد"انطلقت الأحذاث مع زيارته الطبيب قصد الاستشفاء من مرضه الغريب الذي جعله ضجرا ملولا خاملا ولا تسفر الزيارة إلا عن توصية بالحمية "الريجيم " و بالراحة وينطلق الحمزاوي في تنفيذ وصية العلاج .

*الإجازة : (الفصول من 3إلى 5) تنجح الراحة و الحمية في إنقاص وزن المريض لكنه لم يشف

* تصاعد الأزمة : (الفصول من 6 إلى 10) تتصاعد أزمته فيكره عمله والمنزل وزينب .ويندفع متطلعا في الوجوه الجميلة ناشدا معنى للحياة في الجنس والحب .ويكثر من ارتياد الملاهي الليلية ومعاشرة النساء فيعيش على إثر ذلك تجربة مع الراقصة وردة.ولكن النشوة الأبدية لا تدرك فيصعد من مغامراته ويهجر زوجته زينب و تتكاثر مغامراته الجنسية مع مارغريت ومنى ووردة.

*في مطاردة النشوة العجيبة : (الفصول من 11إلى 14) بدأ يتوجه نحو الزهد في كل شيء وبدأت تشتد به خال من اليأس و الضياع و التعطش للنشوة المطلقة فينتهي به الأمر إلى للخروج وحيدا إلى الصحراء ليلا وهناك يشاهد انبلاج الفجر ويحس نشوة طالما طاردها في لحظة ترفعه إلى أعلى لكنها سرعان ما تمضي فينحط متخبطا في واقعه البائس .

*التراجع Sadالفصل 15) يمثل هذا الفصل نوعا من التراجع عن المسار التصاعدي إذ يدعى فيه عمر الحمزاوي إلى المصلحة ليحضر ولادة زوجته لابنه سمير فيقرر العودة إلى منزله

* العودة إلى العزلة : نهاية الفصل 15 إلى 19) يمضي عمر في تجربة جديدة تبدأ إرهاصاتها بطلب الوحدة والشوق إلى الرحيل ويعيش لحظة ارتجاج شديدة عند ظهور عثمان خليل رفيقه القديم و الخارج من السجن.ولكنه يمضي قدما نحو هذه المرحلة الجديدة. فيلجأ إلى كوخ في الريف يعيش فيه تجربة صوفية يطلب فيها الاتحاد بالمطلق ويهذي بعالمه القديم في أحلام غريبة لا معقولة يختلط فيها الواقع بالعجيب

*النهاية: ينتهي الأمر بالحمزاوي إلى الخروج من عزلته على يد الشرطة وقد أصيب برصاصة فيجبر على الرجوع إلى دنيا الناس من جديد ويعود صديقه عثمان حليل إلى السجن من جديد.





الزمان
امتد الزمان الموضوعي سنتين وثلاثة أشهر من أوت 1954 إلى أكتوبر 1956.وهذه المدة تقسم تقريبا إلى قسمين كبيرين: 9أشهر قبل خروج عثمان خليل من السجن و سنة وثلاثة أشهر بعد خروجه. وبذلك تكون الأحداث متنزلة في مرحلة ما بعد ثورة 1952 للضباط الأحرار في مصر .

المكان
القاهرة هي الإطار العام للأحداث مركزا ومحورا :
• *عيادة الطبيب
• البيت
• المكتب
• الملهى
• شقة العشيقة
• الصحراء

الشخصيات

*عمر الحمزاوي رجل في الخامسة والأربعين من العمر محام ناجح ينتمي إلى طبقة البورجوازيين الصغار يتمتع بكل ما يمكن أن يحلم به أي إنسان من عمل ومال ومسكن فاخر وزوجة جميلة وأبناء .لكنه بدأ يشكو مرضا تجلت أعراضه في قول الكاتب "ازدادت شكواه من تثاقل جفونه وتكاسل دقات قلبه" لذا يلجأ إلى طبيب صديق هو حامد صبري الذي لا يجد عند مريضه مرضا عضويا ويقر أن مرضه روحي مما يسمى بمرض البورجوازيين.ومن هنا نفهم سر تأزم عمر الشحاذ فهو قد امتلك كل شيء وزهد في كل شيء والتفت إلى ذاته فلم يجد معنى لحياته وقد اغرق في مستنقع المادة والكسب فهامت الروح وتبعها هائما يبحث عن سر الوجود ومعنى الحياة .وتنتهي رحلة الشحاذ في البحث عن اليقين وقد أصابته رصاصة لتعود به إلى دنيا الواقع فيحس فجأة بالنشوة تعاوده على نغمات بيت شعر يتردد على مسامعه ويناديه إلى الحياة "إن كنت تريدني حقا فلم هجرتني "

*عثمان خليل كان يكون مع مصطفى المنياوي و عمر الحمزاوي ثالوثا نضاليا أيام الجامعة فكلهم يؤمنون بمبادىء الاشتراكية والثورة وقد دخل عثمان خليل السجن لمدة عشرين سنة ليخرج منه ثم يعود إليه من جديد وقد أدانته الدولة الاشتراكية .

* مصطفى المنياوي ثالث ثلاثة كانوا من المناضلين والمؤمنين بالمبادئ الاشتراكية لكنه كعمر الحمزاوي ابتعد عن ساحة النضال إيمانا وممارسة منذ الثورة وانخرط في المجتمع الجديد والواقع الجديد .انصهر في البورجوازية المتوسطة واتبع الصحافة وكتابة المسلسلات وقصر همه على المال وجمعه وعلى التسلية في كل شيء حتى أصبح الفن في حد ذاته لديه تسلية وتهريجا .واندثرت عنده كل المبادئ الثورية متعللا بقوله "مادامت الدولة تحتضن المبادئ التقدمية وتطبقها أليس من الحكمة أن نهتم بأعمالنا الخاصة" وهو كثير الحضور في الرواية فقد كان شاحدا على الشحاذ في قصة حبه مع زينب وزواجه منها وعلى كامل مغامرة الشحاذ الوجودية منذ أن شعر عمر بالمرض . وقد هيأ لعمر اللقاء الأول بمارغريت في ملهى باريس الجديدة ثم لقاءه بوردة في ملهى كابري .ومن المتناقضات العجيبة أن مصطفى المنياوي الذي واكب مغامرات الشحاذ هو الذي حاول إرجاعه إلى بيته ليرى مولوده الجديد .

• حامد صبري كان هو أيضا من مجموعة الثورة ولكن علاقته بهم انقطعت منذ اصبح طبيبا ماهرا ناجحا .وهو الذي كشف على الحمزاوي وأقر "أن لا شيء البتة" وأن المرض لا يعدو أن يكون مرضا روحيا يلزمه تغيير نمط الحياة والخروج من رتابة العمل والبيت ضاربا المثل بنفسه حيث يعتمد نظاما في الأكل ويمارس رياضة المشي .
• زينب زوجة عمر كانت بينهما علاقة حب انتهت بالزواج رغم اختلاف الديانات فهي مسيحية محافظة على قدر كبير من الجمال وقد أنجبت من عمر بثينة وجميلة وسمير . وكانت حياتها هادئة قبل أن يمرض زوجها فتتحول من الراحة إلى الذعر والحيرة والقلق لغياب زوجها الشحاذ كل ليلة .فتقوم بدور الناصح المنبه وتتصنع الهدوء تارة و وتلوم زوجها طورا إلا أنه كان يجيبها في يقين من اعتقد اعتقادا كبيرا في ضرورة خوض تلك المغامرة فيقول" شيء لا بد منه"
• بثينة ابنة عمر فتاة في مقتبل العمر ومرحلة النضج مثقفة وطالبة علوم وهي إلى ذلك مولعة بالشعر وتهواه قراءة وتذوقا ومعاناة وقد ورثته عن ابيها لذلك لا تفتأ تحرك فيه صوت الشعر الذي انقطع ونبضه الذي أضعفه الضياع ومسحته أزمته
• سمير كان له فضل إرجاع والده إلى بيت الأسرة عند ميلاده وقد حملت به زينب في فترة تأزم الأب ولكنه لن يكون كأبيه ملولا قلقا بل" إن اسمه سيحميه من الضجر"


═════◄ضرورة انتباه القارئ إلى أن هذه المقومات تنهض بوظيفتين هامتين:
1- وظيفة فنية : بمعنى أنها أطر ومكونات للرواية تحقق متعة فنية (ماذكر سابقا)
2- وظيفة رمزية : بذلك تتحول هذه المكونات إلى رموز تحمل دلالات في إطار الأدب الذهني وهو ما يجده القارىء في قسم الرمزية

II التقنيات الروائية الجديدة

لانعنى في هذا القسم بالبحث في الجديد والقديم عند محفوظ بقدرما نعنى بالبحث في التقنيات التي جاءت في الرواية متميزة ومنسجمة مع مرحلة الذهنية أو ما يسمى الواقعية الجديدة
إن تعقد قضايا الرواية أوجب تعقد أدواتها الفنية فتشابكت أحداثها وتقاطعت الأزمنة وتمازجت الضمائر وتداخلت أنماط الخطاب من سرد ووصف وحوار وترسل ورؤى وخواطروهدمت الحواجز المألوفة بين كل ذلك لتظل شخصية البطل وما تحيل عليه من أبعاد ذهنية الخيط الرابط ومركز الاهتمام .ويتجلى لنا أن وسائل كشف الباطن قد تعددت في الرواية فقربتها من عالم النفس وتمزقت الفقرة الواحدة كتمزق البطل ويمكن ان نجمل هذه التقنيات فيما يلي :

 البناء القصصي يتجلى التجديد في ذلك بانفتاح الرواية بلحظة تأزم تنتقل الأحداث بعدها إلى وفق الاسترجاع والاستباق
 البطل الواحد عمر الحمزاوي بطل استقطابي فكل الرواية متابعة لهذا البطل الذي كان أول من ظهر واحر من اختفى وبذلك كانت الرواية كشفا ومتابعة لأحوال البطل في تردده بين الاحساس بالمرض والتوق إلى الشفاء والسعي إليه من خلال التجارب وعلى هذا الأساس يمكن أن نعتبر حضور الشخصيات الأخرى مقصورا على حدود ارتباطها بالبطل فهي روافد توضح جوانب البطل وتبلور هواجسه .ويمكن للقارىء أن يتبين كون الشخصيات لم تكن سوى مرايا تعكس جوانب من تجربة البطل.
 كثرة الحوار الباطني : مادامت الرواية متعلقة بقضايا ذهنية وفكرية وتحديدا بالبطل الذي يعيش أزمة كان من المبرر أن يتكثف الحوار الباطني ومن سماته:
* التقطع والتداخل وانعدام الترتيب :إذ أن وطأة تيار الخواطر وأهمية باطن الشخصية جعلتا الحوار الباطني متعرجا معقدا فقد ورد في ممزقا قد ينكسر
* التنوع:ورد الحوار الباطني موجها إلى ذات البطل مباشرة بضمير الأنا "ماذا يعني هذا الحلم إلا أنني لم أبرأ بعد" أو موجها إلى الذات لكن بضمير أنت أو موجها إلى شخصية أخرى خارجية لكن يبقى الكلام رهين النفس كقوله:"حامد صبري….تريد طي ربع قرن من الزمان؟"

وتبعا لتنوع الحوار الباطني تنوعت الضمائر وتداخلت فقد اعتمد محفوظ ضمير الغائب "هو" ليعكس معالم الجو النفسي للشخصية وليوحي بالغربة عن الذات والانسلاخ عنها.ووظف ضمير المتكلم "أنا" في لحظات الاعتراف النفسي والمحاسبة.كما استعمل ضمير المخاطب أنت عند المواجهة ومصارحة النفس.

إن تنوع الضمائر لم يخضع لترتيب معين وتصور محدد بل كان انتقالا دون ضوابط فكان معبرا عن توتر البطل وخادما لأزمته يوضحها للقارئ

*تقلص الأسلوب السردي : السرد لم يكن خاضعا لمبدأ العلية وإنما صارت ذات البطل هي الموجهة الأساسية فوطأة تيار الخواطر وأهمية باطن الشخصية جعلتا السرد معقدا والأحداث متميزة بالتمزق فهي ترتد نحو الماضي عن طريق الومضة الو رائية وتتنقل انتقالا غريبا وفجائيا بين الأزمنة معتمدة في بعض الأحيان على مبدأ التداعي والصدفة

 التداعي : يقصد بهذا المصطلح تداخل الخواطر والذكريات وتأرجحها بين أزمنة محتلفة و مشارب وجدانية متعددة وقد حظي هذا الأسلوب في الشحاذ بأهمية كبيرة دلت على عمق القلق و التمزق .ففي الفصل السابع مثلا تتوقف الأحداث المتعلقة بمرح عمر الحمزاوي لينطلق التداعي من رؤيا الشامبانيا المغدقة على العواهر في الملهى إلى "شامبانيا أخرى شربها أول مرة ....وكانت من أرخص الأنواع هدية مشتركة بين عثمان ومصطفى" وقد ينطلق التداعي من حوار عادي سرعان ما يغرق صاحبه في سلسلة من الذكرى المتقطعة وهذا ما نجده في الفصل الرابع أثناء حوار عمر وبثينة في مسائل متعلقة بالشعر أرجعت عمر إلى الماضي فتدفقت أمواجه على مدى صفحتين كاملتين تضمنتا خواطر الحاضر ممتزجة بذكريات الفن والالتزام والشعر .
• البعد الرمزي: الأشياء والأطر والشخوص في رواية الشحاذ لها أبعاد رمزية ورؤى ومضامين أبعد من الظاهر ويمكن أن نستجليها في قسم الرمزية



الرمزية

تتجلى أهم الأبعاد الرمزية في ما يلي

* المكان :يقول مصطفى التواتي" المكان في روايات محفوظ الذهنية ليس مجرد إطار للأحداث والشخصيات إنما هو عنصر ديناميكي فاعل " وهكذا يتبين القارئ أن المكان مساهم بدلالته الرمزية في التقدم بأحداث الرواية ويساعد على مزيد استبطان نفسية البطل في رحلته الميتافيزيقية

** القاهرة: رمز الاختناق الاجتماعي والسياسي لذلك سينشد عمر الخلاص منها
** السجن : إذا ما نظرنا إليه من زاوية خروج عثمان منه ثم عودته إليه تبينا أنه يمكن أن يكون رمزا للمصادرة والاغتيال وقمع لحرية الإنسان وتجريده من إنسانيته كما يمكن أن يكون اختزالا رمزيا لمسيرة الإنسان من سجن الرحم إلى سجن القبر أو من العدم إلى العدم
**البيت : هو عادة ما مثل سكنا للإنسان ومحل راحته النفسية والطمأنينة الأسرية لكنه مع الشحاذ أصبح رمز الرتابة والملل والقلق ولهذا هجر البيت بما فيه من اختناق توقا منه إلى ملجأ أكثر انعتاقا
** الصحراء: مثلت هي الأخرى الرغبة الجامحة في التحرر والانعتاق والاحساس بالصفاء والطهر وفيها انبثق له نور عجائبي تكشف فيه الحمزاوي كالغزالي على أسرار الكون وذاق فيها لذة النشوة الصوفية"واندفنت الشكوك والمخاوف والمتاعب وأظله يقين عجيب يقطر منه السلام والطمأنينة"
**الحديقة ذات الأسوار : هي ملاذ عمر الأخير لكنها كانت ترمز إلى جنونه وما أسوارها سوى الحدود التي أراد تجاوزها لكن لم يتسن له ذلك

*الزمان

الزمن الخارجي : تبدأ الأحداث سنة 1954 وتنتهي بعد سنتين 1956 وفي أثناء هذه المدة نسترجع الماضي ونستشرف المستقبل وقد كان الزمن إضافة إلى وظيفته الفنية ممثلة في تأطير الأحداث رمزا لفترة من الوهن والضعف التي أصابت المجتمع المصري خاصة والعربي عامة بما فيها من خيبات ونكسات خاصة وأن الرواية قد كتبت في 1965

الزمن الداخلي :
* اقترن الليل بالوحشة والقلق فساعد ذلك في الكشف على مظاهر الأزمة التي عصفت بالحمزاوي وبمعنى الحياة عنده

• اقتران الفجر بالولادة وانبعاث الحياة ساعد على تجسيد ما نشأ في ذهن البطل ووجدانه من آمال وأحلام ورؤى لهذا العالم
• الرواية تبدا في النهار وتنتهي في الليل لتنغلق انغلاقا يطبق على البطل فيزيد من حدة تمزقه

*الشخصيات

باستثناء الحمزاوي لكونه شخصية محورية فإن بقية الشخصيات ليست إلا انعكاسات له يرى فيها هذا المريض نفسه ويتبين حدود أزمته خاصة وأن الرواية الذهنيية بصفة عامة هي رواية البطل الواحد الذي تدور في فلكه بقية الشخصيات فقط لتعكس ذاته

*عمر الحمزاوي هو رمز الإنسان العربي الذي تخلى عن مبادئ الثورة وانصرف لحاجاته الخاصة فأثرى وازداد ثراء بعد ولكنه لم يستطع أن يتبين معنى وجوده وحياته في ظل أزمة الثورة التي وعدت ولم تف وهو كذلك رمز الإنسان عموما في حيرته أمام الوجود والموت وفي بحثه المتواصل عن معنى الحياة وفي بحثه المتواصل عن معنى الحياة
*مصطفى المنياوي: رمز المثقف الذي كان يتبنى مبادئ الاشتراكية ثم ارتد عنها بدعوى أن الثورة التي قادها الضباط الأحرار وتحققت في مصر ستتكفل بضمان هذه المبادئ وتحقيقها فانخرط في الواقع متخلصا من مبادئه إيمانا وممارسة
مندمجا في الواقع الجديد اندماجا شديدا جعله يرتد حتى عن مفاهيمه كالفن الذي أصبح لا يرى فيه غير التهريج والتسلية.وبهذا يكون المنياوي نسخة من الحمزاوي بل هما كما يقول مصطفى التواتي "وجهان متكاملان للمثقف الانتهازي الذي سبق أن مثله رؤوف علوان في اللص والكلاب"
*عثمان خليل : رمز الثورة المتواصلة إيمانا وممارسة لذلك قضى في السجن 20 سنة ثم خرج منه ليعود إليه من جديد
*حامد صبري :رمز الاعتدال والعلم والعمل والتصالح مع الواقع وكأنه يردد في نفسه "خذ الحياة كما جاءتك مبتسما".وهو رمز تواصل الماضي والحاضر والمستقبل حيث يذكر الشحاذ بماضيه الدراسي والسياسي والشعري ويدعوه إلى التفاؤل قائلا" فلتحب المستقبل"
*بثينة : اسمها شاعري وقد كانت رمز التقاء العلم والفن الشعري وذلك من خلال دراستها العلمية وميولاتها الشعرية ولعل زواجها من عثمان خليل يمثل التقاء العلم والفن والثورة مجسدا في الجنين الذي حملته من عثمان .
*زينب : رمز المرأة المصرية البوجوازية التي ترى السعادة في الأسرة والعناية بها وهي أيضا رمز التوجه المادي من خلال اعتبار الحمزاوي لها رمز المطبخ والبنك .ولكنها تبقى بالنسبة للقارئ رمز الرصانة والحلم والحب الصادق والحلم والصبر على المكروه.
*سمير : بولادته عاد عمر الحمزاوي إلى أسرته وإن كانت عودة وقتية فهو بذلك يمثل الامل والعودة إلى دنيا النتس عودة أولى قصيرة وأخرى نهائية في ختام الرواية
*وردة و مارغريت ومنى: رموز للطبقة التي تعيش على هامش المجتمع في الظاهر ولكنها تمثل في النهاية قبلة العديد من المثقفين والأثرياء وأن كل إلا واردها وثم تاركها .



القضايا

الأبعاد الفكرية

 معنى الحياة والتوق إلى المطلق: وجدت هذه القضية طريقها إلى الشحاذ من خلال تأملات نجيب محفوظ وارائه الفلسفية .ولهذا بدأت الرواية وعمر الحمزاوي يراجع حياته على إثر حوار دار بينه وبين أحد موكليه
قال عمر "تصور أن تكسب القضية اليوم وتمتلك قطعة الأرضثم تستولي عليها الحكومة غدا ,؟؟"
فأجابه موكله " المهم أن نكسب القضية .ألسنا نعيش حياتنا ونحن نعلم أن الله سيأخذها ؟"
فهذا الكلام نبه الحمزاوي إلى حتمية الموت الذي ينتظره دون أن يحقق معنى لحياته .ولحظة التوقف هذه التي تتفجر منها رحلة الحمزاوي للبحث عن المعنى "أشبه ما تكون بلحظة عبث معنوي"على حد عبارة لطيفة الزيات .وتضيف هذه الباحثة مشيرة أن الشحاذ حين أخفق في إيجاد معنى لحياته اضطر للعودة إلى واقع الحياة إلى النقطة التي انطلق منها في رحلته وقد أصبح نصف مجنون إذ لا طريق إلى نشوة اليقين إلى رعشة الحقيقة بالعزلة والتفرد والانقطاع عن الدنيا
والواقع أن روايات محفوظ والشحاذ نموذجا لا تتعدى أن تكون تجربة أو مغامرة تستهدف إعادة التوازن المفقود إلى النفس كي تفهم معنى الحياة وذلك بمصارعة العناصر الخارجية بشرا وأنظمة والسعي إلى أن يكون للوجود والفعل الإنسانيين جدوى وفائدة وللحياة معنى .فإن لم يكن فلا أفل من أن يكون لموته ذلك المعنى .وهذا هو العبث واللامعقول في التجربة الوجودية .

 الحب والجنس: من الملاحظ أن روايات محفوظ وردت زاخرة بالمغامرات العاطفية والجنسية الصارخة ولما سئل عن المرأة والجنس في رواياته قال " إن الجنس لمجرد الإثارة يعتبر خارج الفن" فالجنس في رأيه قد يستغل فنيا من نواح أهمها البسيكولوجية والاجتماعية والفلسفية.
والملاحظ ان نساء الشحاذ اللاتي خضن معه المغامرات ينحدرن من وسط اجتماعي انهارت فيه العائلة وتصدعت أركانها كما هو الحال مع مارغريت نجمة الملهى ذات التكوين الانجليزي والمتحررة بطبعها وكذلك الشأن بالنسبة لوردة التي تعبد الرقص واختلفت مع أخوالها وأمها بعد موت أبيها حول ممارسة هوايتها وهجرت أهلها .وهكذا تفعل التربية الملتزمة المقيدة بالعرف الاجتماعي الأخلاقي .وهذا ما عالجه محفوظ في الشحاذ متمنيا ضرورة تدريس الجنس وتعميم ثقافته في المدارس باعتباره جزءا من الصحة النفسية لأن الجنس جزء هام من حياة البشر فليس غرضه إذن إثارة الشهوات والغرائز بمثل هذه المشاهد الإباحية بل غايته إبراز ما تعانيه الطبقة المتوسطة من تعقيد شديد ومشاكل مختلفة في شأن الجنس.
لقد أراد الحمزاوي أن يجد في الجنس ملاذا حيث "كان الجنس في الحقيقة بديلا لنشوة معينة هي نشوة الأيمان"لكنه بعد هذا كله انتهى إلى أن "نشوة الحب لا تدوم ونشوة الجنس أقصر من أن يكون لها أثر"

 منزلة العلم والفن في العصر الحديث : تجلت هذه القضية في تمزق البطل بين ميوله الشعرية القديمة وسيطرة العلم في العصر الحديث يقول الحمزاوي" قد تبوأ العلم العرش ف وجد الفنان نفسه ضمن الحاشية المنبوذة الجاهلة" فليس غريبا أن يتعرض محفوظ لهذه القضية وأن يبحث فيها و في الصلة القائمة بين الفن والعلم وبين الدين والفلسفة في العصر الحديث إذ لا يجب أن نتناسى انه خريج فلسفة امتهن الرواية يقول نجيب محفوظ في أحد مقالاته " إن وظيفة الفن أن يسمو بالنفس إلى سماوات الجمال وأن يلتقي بوجدان الفرد مع وجدان الجماعة البشرية في شعور واحد وأن يسلك بشخصية الإنسان في وحدة عامة تضم إليها أعماق الأرض وطبقات السماء وهو لن يؤدي مهمته أكمل الأداء ما لم يؤاخ بين نفسه وبين العلم والفلسفة " فلهذا السبب إذن نجد في الشحاذ ميلا واضحا إلى الحديث عن الفن والعلم واتجاها صارخا لصبغ رواياته بالصبغة الفلسفية
 أفكار الوجودية :
الوجودية استكناه لحقيقة الإنسان في وجوده الفردي المحسوس من خلال التركيز على الفعل والتجربة .وأزمة الشحاذ تتوفر فيها سمات الفلسفة الوجودية :

*أزمة البطل تعبير عن قلق وجودي يقول المنياوي عن البطل " إنه يبحث عن معنى لوجوده" فالبطل قد بحث عن الامتلاء وتحقيق الوجود بعد الوعي بأن الجاه والمال والسعادة الأسرية والنجاح في العمل لا تحل ألغاز الوجود ولا تمنحه المعنى.
*القطيعة وطلب الوحدة: بدا البطل وحيدا في حواره مع ذاته "من الآن فصاعدا أنت الطبيب فأنت حر"وتظهر هذه الحرية في تمرده ومغادرته البيت وتخلصه من حصار الروابط الأسرية والمهنية والتقاليد البورجوازية .لأن رغبة البطل في إنشاء كيانه إنشاء نابعا من ذاته في تجاربها الفعلية واضح فكان تمرده غير مبال بالتأنيب العائلي.

 أفكار الصوفية : تتشابه تجربة الحمزاوي مع تجارب الصوفيين في:
*الهدف سعي البطل لمعرفة سر الوجود
*الوسيلة توسل القلب للكشف عن جواهر الأمور والنفاذ إلى أعماقها فقد اعتبر عمر القلب أداة لهز الاحساس وتحقيق نشوة متسامية عن قيود العقل و العلم
*الخصائص : -نبذ المادة والميل على العزلة بممارسة الرياضة الروحية والانعزال عن الناس ودنياهم عزلة تامة والخروج إلى عالم المجهول
- الاحساس بالوارد :انبثاق النور أمام البطل ذات فجر في الصحراء وسغيه إلى استعادة تلك اللحظة الفاتنة وفي ذلك ضرب من التماهي مع الصوفيين الذين يرون أن الانسان يتلقى في زهده إشارات نورانية تضيء كالبرق ثم تختفي تاركة رغبة في استعادة تلك اللحظة
-المجاهدة في إصرار عمر على مواصلة البحث عن سر الوجود ونشوة اليقين من أجل "استقبال شعاع النشوة الوردي بلا وسيط"



 أفكار العبث واللامعقول : تتماهى أزمة البطل مع فلسفة العبث في:
* الوعي العبثي
















الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
كمالبوقلية

كمالبوقلية


عدد المساهمات : 1
تاريخ التسجيل : 08/04/2011

وكان الشحاذ أكثر شيء جدلا Empty
مُساهمةموضوع: رد: وكان الشحاذ أكثر شيء جدلا   وكان الشحاذ أكثر شيء جدلا I_icon_minitime2011-05-12, 21:03

sil 2008 كتب:


تمهيد
بين حيرتين كانت مسيرة الشحاذ الذي نبا به خلف الحقيقة وساد. حيرة في أول الرواية لما قال:"لمن اللوحة الكبيرة يا ترى" وحيرة في آخرها لما عاد إلى الدنيا مرددا :"إن كنت تريدني حقا فلم هجرتني"بينهما تلظى على نار الحيرة ومزقته الأوهام و أعيته السبل وطال عليه الأمد. فبعد أن حبته الدنيا بخيراتها فكر وقدر ثم نظر ثم عبس وبسر ثم أدبر واستكبر وقال إن النعيم إلا وهم يعبر.وكانت غايته منذ البدء البحث في الوجود عن معنى لحياته بحثا ملحاحا على النفس التي رأت أنها في سجن هذا الوجود ولقد كانت لوحة المرعى في عيادة الطبيب خير دليل على هذه الحيرة فالأفق فيها ينطبق على الارض من أي مكان ترصده .يا له من سجن لا نهائي
تلك هي إذن صرخة الانسان الذي جاء إلى هذا العالم ولم يستطع أن يدرك بعقله علة هذا الوجود لكنه أدرك حتمية الموت فردد ومن لم يمت بالسيف مات بغيره تعددت الأسباب والموت واحد

لكنه لما لج في السؤال أعياه الطلب .كذا كان حال عمر الحمزاوي الذي لم يجد إلى يقينه سبيلا وكان الشحاذ أكثر شيء جدلا.

المقومات القصصية
I البناء الفني للرواية
المقومات الفنية الكلاسيكية

*الاحساس بالمرض: (الفصلين 1+2) انطلقت الرواية بإحساس عمر الحمزاوي ,الزوج السعيد والمحامي الناجح ورب الأسرة المثالي بأعراض مرض غريب وتقول زينب عن ذلك "كنا أسعد زوجين ولم يكن مثله في الرجال أحد"انطلقت الأحذاث مع زيارته الطبيب قصد الاستشفاء من مرضه الغريب الذي جعله ضجرا ملولا خاملا ولا تسفر الزيارة إلا عن توصية بالحمية "الريجيم " و بالراحة وينطلق الحمزاوي في تنفيذ وصية العلاج .

*الإجازة : (الفصول من 3إلى 5) تنجح الراحة و الحمية في إنقاص وزن المريض لكنه لم يشف

* تصاعد الأزمة : (الفصول من 6 إلى 10) تتصاعد أزمته فيكره عمله والمنزل وزينب .ويندفع متطلعا في الوجوه الجميلة ناشدا معنى للحياة في الجنس والحب .ويكثر من ارتياد الملاهي الليلية ومعاشرة النساء فيعيش على إثر ذلك تجربة مع الراقصة وردة.ولكن النشوة الأبدية لا تدرك فيصعد من مغامراته ويهجر زوجته زينب و تتكاثر مغامراته الجنسية مع مارغريت ومنى ووردة.

*في مطاردة النشوة العجيبة : (الفصول من 11إلى 14) بدأ يتوجه نحو الزهد في كل شيء وبدأت تشتد به خال من اليأس و الضياع و التعطش للنشوة المطلقة فينتهي به الأمر إلى للخروج وحيدا إلى الصحراء ليلا وهناك يشاهد انبلاج الفجر ويحس نشوة طالما طاردها في لحظة ترفعه إلى أعلى لكنها سرعان ما تمضي فينحط متخبطا في واقعه البائس .

*التراجع Sadالفصل 15) يمثل هذا الفصل نوعا من التراجع عن المسار التصاعدي إذ يدعى فيه عمر الحمزاوي إلى المصلحة ليحضر ولادة زوجته لابنه سمير فيقرر العودة إلى منزله

* العودة إلى العزلة : نهاية الفصل 15 إلى 19) يمضي عمر في تجربة جديدة تبدأ إرهاصاتها بطلب الوحدة والشوق إلى الرحيل ويعيش لحظة ارتجاج شديدة عند ظهور عثمان خليل رفيقه القديم و الخارج من السجن.ولكنه يمضي قدما نحو هذه المرحلة الجديدة. فيلجأ إلى كوخ في الريف يعيش فيه تجربة صوفية يطلب فيها الاتحاد بالمطلق ويهذي بعالمه القديم في أحلام غريبة لا معقولة يختلط فيها الواقع بالعجيب

*النهاية: ينتهي الأمر بالحمزاوي إلى الخروج من عزلته على يد الشرطة وقد أصيب برصاصة فيجبر على الرجوع إلى دنيا الناس من جديد ويعود صديقه عثمان حليل إلى السجن من جديد.





الزمان
امتد الزمان الموضوعي سنتين وثلاثة أشهر من أوت 1954 إلى أكتوبر 1956.وهذه المدة تقسم تقريبا إلى قسمين كبيرين: 9أشهر قبل خروج عثمان خليل من السجن و سنة وثلاثة أشهر بعد خروجه. وبذلك تكون الأحداث متنزلة في مرحلة ما بعد ثورة 1952 للضباط الأحرار في مصر .

المكان
القاهرة هي الإطار العام للأحداث مركزا ومحورا :
• *عيادة الطبيب
• البيت
• المكتب
• الملهى
• شقة العشيقة
• الصحراء

الشخصيات

*عمر الحمزاوي رجل في الخامسة والأربعين من العمر محام ناجح ينتمي إلى طبقة البورجوازيين الصغار يتمتع بكل ما يمكن أن يحلم به أي إنسان من عمل ومال ومسكن فاخر وزوجة جميلة وأبناء .لكنه بدأ يشكو مرضا تجلت أعراضه في قول الكاتب "ازدادت شكواه من تثاقل جفونه وتكاسل دقات قلبه" لذا يلجأ إلى طبيب صديق هو حامد صبري الذي لا يجد عند مريضه مرضا عضويا ويقر أن مرضه روحي مما يسمى بمرض البورجوازيين.ومن هنا نفهم سر تأزم عمر الشحاذ فهو قد امتلك كل شيء وزهد في كل شيء والتفت إلى ذاته فلم يجد معنى لحياته وقد اغرق في مستنقع المادة والكسب فهامت الروح وتبعها هائما يبحث عن سر الوجود ومعنى الحياة .وتنتهي رحلة الشحاذ في البحث عن اليقين وقد أصابته رصاصة لتعود به إلى دنيا الواقع فيحس فجأة بالنشوة تعاوده على نغمات بيت شعر يتردد على مسامعه ويناديه إلى الحياة "إن كنت تريدني حقا فلم هجرتني "

*عثمان خليل كان يكون مع مصطفى المنياوي و عمر الحمزاوي ثالوثا نضاليا أيام الجامعة فكلهم يؤمنون بمبادىء الاشتراكية والثورة وقد دخل عثمان خليل السجن لمدة عشرين سنة ليخرج منه ثم يعود إليه من جديد وقد أدانته الدولة الاشتراكية .

* مصطفى المنياوي ثالث ثلاثة كانوا من المناضلين والمؤمنين بالمبادئ الاشتراكية لكنه كعمر الحمزاوي ابتعد عن ساحة النضال إيمانا وممارسة منذ الثورة وانخرط في المجتمع الجديد والواقع الجديد .انصهر في البورجوازية المتوسطة واتبع الصحافة وكتابة المسلسلات وقصر همه على المال وجمعه وعلى التسلية في كل شيء حتى أصبح الفن في حد ذاته لديه تسلية وتهريجا .واندثرت عنده كل المبادئ الثورية متعللا بقوله "مادامت الدولة تحتضن المبادئ التقدمية وتطبقها أليس من الحكمة أن نهتم بأعمالنا الخاصة" وهو كثير الحضور في الرواية فقد كان شاحدا على الشحاذ في قصة حبه مع زينب وزواجه منها وعلى كامل مغامرة الشحاذ الوجودية منذ أن شعر عمر بالمرض . وقد هيأ لعمر اللقاء الأول بمارغريت في ملهى باريس الجديدة ثم لقاءه بوردة في ملهى كابري .ومن المتناقضات العجيبة أن مصطفى المنياوي الذي واكب مغامرات الشحاذ هو الذي حاول إرجاعه إلى بيته ليرى مولوده الجديد .

• حامد صبري كان هو أيضا من مجموعة الثورة ولكن علاقته بهم انقطعت منذ اصبح طبيبا ماهرا ناجحا .وهو الذي كشف على الحمزاوي وأقر "أن لا شيء البتة" وأن المرض لا يعدو أن يكون مرضا روحيا يلزمه تغيير نمط الحياة والخروج من رتابة العمل والبيت ضاربا المثل بنفسه حيث يعتمد نظاما في الأكل ويمارس رياضة المشي .
• زينب زوجة عمر كانت بينهما علاقة حب انتهت بالزواج رغم اختلاف الديانات فهي مسيحية محافظة على قدر كبير من الجمال وقد أنجبت من عمر بثينة وجميلة وسمير . وكانت حياتها هادئة قبل أن يمرض زوجها فتتحول من الراحة إلى الذعر والحيرة والقلق لغياب زوجها الشحاذ كل ليلة .فتقوم بدور الناصح المنبه وتتصنع الهدوء تارة و وتلوم زوجها طورا إلا أنه كان يجيبها في يقين من اعتقد اعتقادا كبيرا في ضرورة خوض تلك المغامرة فيقول" شيء لا بد منه"
• بثينة ابنة عمر فتاة في مقتبل العمر ومرحلة النضج مثقفة وطالبة علوم وهي إلى ذلك مولعة بالشعر وتهواه قراءة وتذوقا ومعاناة وقد ورثته عن ابيها لذلك لا تفتأ تحرك فيه صوت الشعر الذي انقطع ونبضه الذي أضعفه الضياع ومسحته أزمته
• سمير كان له فضل إرجاع والده إلى بيت الأسرة عند ميلاده وقد حملت به زينب في فترة تأزم الأب ولكنه لن يكون كأبيه ملولا قلقا بل" إن اسمه سيحميه من الضجر"


═════◄ضرورة انتباه القارئ إلى أن هذه المقومات تنهض بوظيفتين هامتين:
1- وظيفة فنية : بمعنى أنها أطر ومكونات للرواية تحقق متعة فنية (ماذكر سابقا)
2- وظيفة رمزية : بذلك تتحول هذه المكونات إلى رموز تحمل دلالات في إطار الأدب الذهني وهو ما يجده القارىء في قسم الرمزية

II التقنيات الروائية الجديدة

لانعنى في هذا القسم بالبحث في الجديد والقديم عند محفوظ بقدرما نعنى بالبحث في التقنيات التي جاءت في الرواية متميزة ومنسجمة مع مرحلة الذهنية أو ما يسمى الواقعية الجديدة
إن تعقد قضايا الرواية أوجب تعقد أدواتها الفنية فتشابكت أحداثها وتقاطعت الأزمنة وتمازجت الضمائر وتداخلت أنماط الخطاب من سرد ووصف وحوار وترسل ورؤى وخواطروهدمت الحواجز المألوفة بين كل ذلك لتظل شخصية البطل وما تحيل عليه من أبعاد ذهنية الخيط الرابط ومركز الاهتمام .ويتجلى لنا أن وسائل كشف الباطن قد تعددت في الرواية فقربتها من عالم النفس وتمزقت الفقرة الواحدة كتمزق البطل ويمكن ان نجمل هذه التقنيات فيما يلي :

 البناء القصصي يتجلى التجديد في ذلك بانفتاح الرواية بلحظة تأزم تنتقل الأحداث بعدها إلى وفق الاسترجاع والاستباق
 البطل الواحد عمر الحمزاوي بطل استقطابي فكل الرواية متابعة لهذا البطل الذي كان أول من ظهر واحر من اختفى وبذلك كانت الرواية كشفا ومتابعة لأحوال البطل في تردده بين الاحساس بالمرض والتوق إلى الشفاء والسعي إليه من خلال التجارب وعلى هذا الأساس يمكن أن نعتبر حضور الشخصيات الأخرى مقصورا على حدود ارتباطها بالبطل فهي روافد توضح جوانب البطل وتبلور هواجسه .ويمكن للقارىء أن يتبين كون الشخصيات لم تكن سوى مرايا تعكس جوانب من تجربة البطل.
 كثرة الحوار الباطني : مادامت الرواية متعلقة بقضايا ذهنية وفكرية وتحديدا بالبطل الذي يعيش أزمة كان من المبرر أن يتكثف الحوار الباطني ومن سماته:
* التقطع والتداخل وانعدام الترتيب :إذ أن وطأة تيار الخواطر وأهمية باطن الشخصية جعلتا الحوار الباطني متعرجا معقدا فقد ورد في ممزقا قد ينكسر
* التنوع:ورد الحوار الباطني موجها إلى ذات البطل مباشرة بضمير الأنا "ماذا يعني هذا الحلم إلا أنني لم أبرأ بعد" أو موجها إلى الذات لكن بضمير أنت أو موجها إلى شخصية أخرى خارجية لكن يبقى الكلام رهين النفس كقوله:"حامد صبري….تريد طي ربع قرن من الزمان؟"

وتبعا لتنوع الحوار الباطني تنوعت الضمائر وتداخلت فقد اعتمد محفوظ ضمير الغائب "هو" ليعكس معالم الجو النفسي للشخصية وليوحي بالغربة عن الذات والانسلاخ عنها.ووظف ضمير المتكلم "أنا" في لحظات الاعتراف النفسي والمحاسبة.كما استعمل ضمير المخاطب أنت عند المواجهة ومصارحة النفس.

إن تنوع الضمائر لم يخضع لترتيب معين وتصور محدد بل كان انتقالا دون ضوابط فكان معبرا عن توتر البطل وخادما لأزمته يوضحها للقارئ

*تقلص الأسلوب السردي : السرد لم يكن خاضعا لمبدأ العلية وإنما صارت ذات البطل هي الموجهة الأساسية فوطأة تيار الخواطر وأهمية باطن الشخصية جعلتا السرد معقدا والأحداث متميزة بالتمزق فهي ترتد نحو الماضي عن طريق الومضة الو رائية وتتنقل انتقالا غريبا وفجائيا بين الأزمنة معتمدة في بعض الأحيان على مبدأ التداعي والصدفة

 التداعي : يقصد بهذا المصطلح تداخل الخواطر والذكريات وتأرجحها بين أزمنة محتلفة و مشارب وجدانية متعددة وقد حظي هذا الأسلوب في الشحاذ بأهمية كبيرة دلت على عمق القلق و التمزق .ففي الفصل السابع مثلا تتوقف الأحداث المتعلقة بمرح عمر الحمزاوي لينطلق التداعي من رؤيا الشامبانيا المغدقة على العواهر في الملهى إلى "شامبانيا أخرى شربها أول مرة ....وكانت من أرخص الأنواع هدية مشتركة بين عثمان ومصطفى" وقد ينطلق التداعي من حوار عادي سرعان ما يغرق صاحبه في سلسلة من الذكرى المتقطعة وهذا ما نجده في الفصل الرابع أثناء حوار عمر وبثينة في مسائل متعلقة بالشعر أرجعت عمر إلى الماضي فتدفقت أمواجه على مدى صفحتين كاملتين تضمنتا خواطر الحاضر ممتزجة بذكريات الفن والالتزام والشعر .
• البعد الرمزي: الأشياء والأطر والشخوص في رواية الشحاذ لها أبعاد رمزية ورؤى ومضامين أبعد من الظاهر ويمكن أن نستجليها في قسم الرمزية



الرمزية

تتجلى أهم الأبعاد الرمزية في ما يلي

* المكان :يقول مصطفى التواتي" المكان في روايات محفوظ الذهنية ليس مجرد إطار للأحداث والشخصيات إنما هو عنصر ديناميكي فاعل " وهكذا يتبين القارئ أن المكان مساهم بدلالته الرمزية في التقدم بأحداث الرواية ويساعد على مزيد استبطان نفسية البطل في رحلته الميتافيزيقية

** القاهرة: رمز الاختناق الاجتماعي والسياسي لذلك سينشد عمر الخلاص منها
** السجن : إذا ما نظرنا إليه من زاوية خروج عثمان منه ثم عودته إليه تبينا أنه يمكن أن يكون رمزا للمصادرة والاغتيال وقمع لحرية الإنسان وتجريده من إنسانيته كما يمكن أن يكون اختزالا رمزيا لمسيرة الإنسان من سجن الرحم إلى سجن القبر أو من العدم إلى العدم
**البيت : هو عادة ما مثل سكنا للإنسان ومحل راحته النفسية والطمأنينة الأسرية لكنه مع الشحاذ أصبح رمز الرتابة والملل والقلق ولهذا هجر البيت بما فيه من اختناق توقا منه إلى ملجأ أكثر انعتاقا
** الصحراء: مثلت هي الأخرى الرغبة الجامحة في التحرر والانعتاق والاحساس بالصفاء والطهر وفيها انبثق له نور عجائبي تكشف فيه الحمزاوي كالغزالي على أسرار الكون وذاق فيها لذة النشوة الصوفية"واندفنت الشكوك والمخاوف والمتاعب وأظله يقين عجيب يقطر منه السلام والطمأنينة"
**الحديقة ذات الأسوار : هي ملاذ عمر الأخير لكنها كانت ترمز إلى جنونه وما أسوارها سوى الحدود التي أراد تجاوزها لكن لم يتسن له ذلك

*الزمان

الزمن الخارجي : تبدأ الأحداث سنة 1954 وتنتهي بعد سنتين 1956 وفي أثناء هذه المدة نسترجع الماضي ونستشرف المستقبل وقد كان الزمن إضافة إلى وظيفته الفنية ممثلة في تأطير الأحداث رمزا لفترة من الوهن والضعف التي أصابت المجتمع المصري خاصة والعربي عامة بما فيها من خيبات ونكسات خاصة وأن الرواية قد كتبت في 1965

الزمن الداخلي :
* اقترن الليل بالوحشة والقلق فساعد ذلك في الكشف على مظاهر الأزمة التي عصفت بالحمزاوي وبمعنى الحياة عنده

• اقتران الفجر بالولادة وانبعاث الحياة ساعد على تجسيد ما نشأ في ذهن البطل ووجدانه من آمال وأحلام ورؤى لهذا العالم
• الرواية تبدا في النهار وتنتهي في الليل لتنغلق انغلاقا يطبق على البطل فيزيد من حدة تمزقه

*الشخصيات

باستثناء الحمزاوي لكونه شخصية محورية فإن بقية الشخصيات ليست إلا انعكاسات له يرى فيها هذا المريض نفسه ويتبين حدود أزمته خاصة وأن الرواية الذهنيية بصفة عامة هي رواية البطل الواحد الذي تدور في فلكه بقية الشخصيات فقط لتعكس ذاته

*عمر الحمزاوي هو رمز الإنسان العربي الذي تخلى عن مبادئ الثورة وانصرف لحاجاته الخاصة فأثرى وازداد ثراء بعد ولكنه لم يستطع أن يتبين معنى وجوده وحياته في ظل أزمة الثورة التي وعدت ولم تف وهو كذلك رمز الإنسان عموما في حيرته أمام الوجود والموت وفي بحثه المتواصل عن معنى الحياة وفي بحثه المتواصل عن معنى الحياة
*مصطفى المنياوي: رمز المثقف الذي كان يتبنى مبادئ الاشتراكية ثم ارتد عنها بدعوى أن الثورة التي قادها الضباط الأحرار وتحققت في مصر ستتكفل بضمان هذه المبادئ وتحقيقها فانخرط في الواقع متخلصا من مبادئه إيمانا وممارسة
مندمجا في الواقع الجديد اندماجا شديدا جعله يرتد حتى عن مفاهيمه كالفن الذي أصبح لا يرى فيه غير التهريج والتسلية.وبهذا يكون المنياوي نسخة من الحمزاوي بل هما كما يقول مصطفى التواتي "وجهان متكاملان للمثقف الانتهازي الذي سبق أن مثله رؤوف علوان في اللص والكلاب"
*عثمان خليل : رمز الثورة المتواصلة إيمانا وممارسة لذلك قضى في السجن 20 سنة ثم خرج منه ليعود إليه من جديد
*حامد صبري :رمز الاعتدال والعلم والعمل والتصالح مع الواقع وكأنه يردد في نفسه "خذ الحياة كما جاءتك مبتسما".وهو رمز تواصل الماضي والحاضر والمستقبل حيث يذكر الشحاذ بماضيه الدراسي والسياسي والشعري ويدعوه إلى التفاؤل قائلا" فلتحب المستقبل"
*بثينة : اسمها شاعري وقد كانت رمز التقاء العلم والفن الشعري وذلك من خلال دراستها العلمية وميولاتها الشعرية ولعل زواجها من عثمان خليل يمثل التقاء العلم والفن والثورة مجسدا في الجنين الذي حملته من عثمان .
*زينب : رمز المرأة المصرية البوجوازية التي ترى السعادة في الأسرة والعناية بها وهي أيضا رمز التوجه المادي من خلال اعتبار الحمزاوي لها رمز المطبخ والبنك .ولكنها تبقى بالنسبة للقارئ رمز الرصانة والحلم والحب الصادق والحلم والصبر على المكروه.
*سمير : بولادته عاد عمر الحمزاوي إلى أسرته وإن كانت عودة وقتية فهو بذلك يمثل الامل والعودة إلى دنيا النتس عودة أولى قصيرة وأخرى نهائية في ختام الرواية
*وردة و مارغريت ومنى: رموز للطبقة التي تعيش على هامش المجتمع في الظاهر ولكنها تمثل في النهاية قبلة العديد من المثقفين والأثرياء وأن كل إلا واردها وثم تاركها .



القضايا

الأبعاد الفكرية

 معنى الحياة والتوق إلى المطلق: وجدت هذه القضية طريقها إلى الشحاذ من خلال تأملات نجيب محفوظ وارائه الفلسفية .ولهذا بدأت الرواية وعمر الحمزاوي يراجع حياته على إثر حوار دار بينه وبين أحد موكليه
قال عمر "تصور أن تكسب القضية اليوم وتمتلك قطعة الأرضثم تستولي عليها الحكومة غدا ,؟؟"
فأجابه موكله " المهم أن نكسب القضية .ألسنا نعيش حياتنا ونحن نعلم أن الله سيأخذها ؟"
فهذا الكلام نبه الحمزاوي إلى حتمية الموت الذي ينتظره دون أن يحقق معنى لحياته .ولحظة التوقف هذه التي تتفجر منها رحلة الحمزاوي للبحث عن المعنى "أشبه ما تكون بلحظة عبث معنوي"على حد عبارة لطيفة الزيات .وتضيف هذه الباحثة مشيرة أن الشحاذ حين أخفق في إيجاد معنى لحياته اضطر للعودة إلى واقع الحياة إلى النقطة التي انطلق منها في رحلته وقد أصبح نصف مجنون إذ لا طريق إلى نشوة اليقين إلى رعشة الحقيقة بالعزلة والتفرد والانقطاع عن الدنيا
والواقع أن روايات محفوظ والشحاذ نموذجا لا تتعدى أن تكون تجربة أو مغامرة تستهدف إعادة التوازن المفقود إلى النفس كي تفهم معنى الحياة وذلك بمصارعة العناصر الخارجية بشرا وأنظمة والسعي إلى أن يكون للوجود والفعل الإنسانيين جدوى وفائدة وللحياة معنى .فإن لم يكن فلا أفل من أن يكون لموته ذلك المعنى .وهذا هو العبث واللامعقول في التجربة الوجودية .

 الحب والجنس: من الملاحظ أن روايات محفوظ وردت زاخرة بالمغامرات العاطفية والجنسية الصارخة ولما سئل عن المرأة والجنس في رواياته قال " إن الجنس لمجرد الإثارة يعتبر خارج الفن" فالجنس في رأيه قد يستغل فنيا من نواح أهمها البسيكولوجية والاجتماعية والفلسفية.
والملاحظ ان نساء الشحاذ اللاتي خضن معه المغامرات ينحدرن من وسط اجتماعي انهارت فيه العائلة وتصدعت أركانها كما هو الحال مع مارغريت نجمة الملهى ذات التكوين الانجليزي والمتحررة بطبعها وكذلك الشأن بالنسبة لوردة التي تعبد الرقص واختلفت مع أخوالها وأمها بعد موت أبيها حول ممارسة هوايتها وهجرت أهلها .وهكذا تفعل التربية الملتزمة المقيدة بالعرف الاجتماعي الأخلاقي .وهذا ما عالجه محفوظ في الشحاذ متمنيا ضرورة تدريس الجنس وتعميم ثقافته في المدارس باعتباره جزءا من الصحة النفسية لأن الجنس جزء هام من حياة البشر فليس غرضه إذن إثارة الشهوات والغرائز بمثل هذه المشاهد الإباحية بل غايته إبراز ما تعانيه الطبقة المتوسطة من تعقيد شديد ومشاكل مختلفة في شأن الجنس.
لقد أراد الحمزاوي أن يجد في الجنس ملاذا حيث "كان الجنس في الحقيقة بديلا لنشوة معينة هي نشوة الأيمان"لكنه بعد هذا كله انتهى إلى أن "نشوة الحب لا تدوم ونشوة الجنس أقصر من أن يكون لها أثر"

 منزلة العلم والفن في العصر الحديث : تجلت هذه القضية في تمزق البطل بين ميوله الشعرية القديمة وسيطرة العلم في العصر الحديث يقول الحمزاوي" قد تبوأ العلم العرش ف وجد الفنان نفسه ضمن الحاشية المنبوذة الجاهلة" فليس غريبا أن يتعرض محفوظ لهذه القضية وأن يبحث فيها و في الصلة القائمة بين الفن والعلم وبين الدين والفلسفة في العصر الحديث إذ لا يجب أن نتناسى انه خريج فلسفة امتهن الرواية يقول نجيب محفوظ في أحد مقالاته " إن وظيفة الفن أن يسمو بالنفس إلى سماوات الجمال وأن يلتقي بوجدان الفرد مع وجدان الجماعة البشرية في شعور واحد وأن يسلك بشخصية الإنسان في وحدة عامة تضم إليها أعماق الأرض وطبقات السماء وهو لن يؤدي مهمته أكمل الأداء ما لم يؤاخ بين نفسه وبين العلم والفلسفة " فلهذا السبب إذن نجد في الشحاذ ميلا واضحا إلى الحديث عن الفن والعلم واتجاها صارخا لصبغ رواياته بالصبغة الفلسفية
 أفكار الوجودية :
الوجودية استكناه لحقيقة الإنسان في وجوده الفردي المحسوس من خلال التركيز على الفعل والتجربة .وأزمة الشحاذ تتوفر فيها سمات الفلسفة الوجودية :

*أزمة البطل تعبير عن قلق وجودي يقول المنياوي عن البطل " إنه يبحث عن معنى لوجوده" فالبطل قد بحث عن الامتلاء وتحقيق الوجود بعد الوعي بأن الجاه والمال والسعادة الأسرية والنجاح في العمل لا تحل ألغاز الوجود ولا تمنحه المعنى.
*القطيعة وطلب الوحدة: بدا البطل وحيدا في حواره مع ذاته "من الآن فصاعدا أنت الطبيب فأنت حر"وتظهر هذه الحرية في تمرده ومغادرته البيت وتخلصه من حصار الروابط الأسرية والمهنية والتقاليد البورجوازية .لأن رغبة البطل في إنشاء كيانه إنشاء نابعا من ذاته في تجاربها الفعلية واضح فكان تمرده غير مبال بالتأنيب العائلي.

 أفكار الصوفية : تتشابه تجربة الحمزاوي مع تجارب الصوفيين في:
*الهدف سعي البطل لمعرفة سر الوجود
*الوسيلة توسل القلب للكشف عن جواهر الأمور والنفاذ إلى أعماقها فقد اعتبر عمر القلب أداة لهز الاحساس وتحقيق نشوة متسامية عن قيود العقل و العلم
*الخصائص : -نبذ المادة والميل على العزلة بممارسة الرياضة الروحية والانعزال عن الناس ودنياهم عزلة تامة والخروج إلى عالم المجهول
- الاحساس بالوارد :انبثاق النور أمام البطل ذات فجر في الصحراء وسغيه إلى استعادة تلك اللحظة الفاتنة وفي ذلك ضرب من التماهي مع الصوفيين الذين يرون أن الانسان يتلقى في زهده إشارات نورانية تضيء كالبرق ثم تختفي تاركة رغبة في استعادة تلك اللحظة
-المجاهدة في إصرار عمر على مواصلة البحث عن سر الوجود ونشوة اليقين من أجل "استقبال شعاع النشوة الوردي بلا وسيط"



 أفكار العبث واللامعقول : تتماهى أزمة البطل مع فلسفة العبث في:
* الوعي العبثي
















الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
وكان الشحاذ أكثر شيء جدلا
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات تونس للتعليم :: الباكالوريا :: شعبة الاداب-
انتقل الى: